تهديد قادة المقاومة.. واقتراب وعد الآخرة

August 28, 2023, 12:08 pm

تهديد قادة المقاومة.. واقتراب وعد الآخرة

الاحتلال في قلب الأزمة الوجودية، ولا يتعلم من دروس الماضي والحاضر، فكلما دخل أزمة أو غرق في أخرى لجأ إلى سياسة تصدير الأزمات والهروب إلى الأمام، وحاول حرف البوصلة وخلط الأوراق في مشهد مكرور، قديم جديد، ينبئ عن مدى الانهيار البنيوي الذي ينخر في عمق الكيان، وطبيعة الإفلاس السياسي والعسكري والأمني والاستخباري والانحطاط الأخلاقي والإنساني الذي يهيمن على المشهد الصهيوني، حكومة وجيشا ومجتمعا.

من جديد، ترتفع عقيرة قادة الاحتلال بنبرة التهديد والوعيد لقادة المقاومة الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص الأخ المجاهد/ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي يتهمه الاحتلال بالوقوف وراء عمليات المقاومة في الضفة، وذلك في محاولة للتغطية على حجم الفشل المدوّي في مواجهة عمليات المقاومة في الضفة الغربية التي تصاعدت بشكل لافت وقويّ في الآونة الأخيرة، وضربت المنظومة الأمنية الصهيونية في مقتل، وجعلت استمرار المشروع الاستيطاني الصهيوني في الضفة أمام خطر داهم ومستمر تحت ضربات المقاومة المتواصلة، والتي كان آخرها عمليتي حوارة والخليل اللتان تمخضتا عن قتل عدد من المستوطنين الصهاينة وإصابة آخرين.

ليس غريبا أن تصدر التهديدات السافرة عن قادة الاحتلال الذين أدمنوا القتل وسفك الدماء، ولا يستطيعون العيش إلا في ظلال الحروب والتخريب والدمار، وليست هذه المرة الأولى التي تطلق فيها التهديدات باغتيال قادة المقاومة، فالتهديدات لم تنقطع يوما في ظل استمرار المقاومة وتصاعد العمليات وتواصل الصفعات الموجعة في طول وعرض الضفة المحتلة.

لقد أرست المقاومة معادلتها الثابتة التي لا تتغير في غمار معركة سيف القدس، ورسختها بالدم القاني وأرواح الشهداء، مؤكدة أن القدس والأقصى وكل أرضنا خط أحمر، ولا يمكن السماح للصهاينة بالعبث فيها مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات، وأوصلت رسالتها بكامل الوضوح إلى الاحتلال ومؤسساته السياسية والعسكرية والأمنية والاستخبارية، وأنبأته عن مدى استعدادها وجهوزيتها للدفاع عن القدس والأقصى وعن أرضنا وكافة أبناء شعبنا على الدوام، وأكدت له فداحة الثمن الذي سيدفعه في أي معركة ضد حقوقنا ومقدساتنا، وما الذي ينتظره حال تجاوز الخطوط الحمراء مستقبلا.

من السهل إطلاق التهديدات الكلامية الجوفاء، لكن قادة الاحتلال يدركون تماما أن المعادلة قد تغيرت اليوم من الألف إلى الياء، وأن المقاومة الفلسطينية تمكنت من التفوق في معادلة الردع مع الاحتلال، وأن أي حماقة ستفضي إلى حرب إقليمية شاملة يتجرعون فيها كأس الهزيمة والمنون.

ليمتشق الصهاينة لواء التهديد والتحريض كما يشاءون، فإن تصريحاتهم العدائية وتحريضهم السافر ضد المقاومة وقادتها لن يخيف أو يرهب أحدا، وستتواصل المقاومة بكل القوة والعنفوان حتى إسقاط المشروع الاستيطاني والتهويدي لأرضنا ومقدساتنا وتحرير كامل ترابنا الوطني بإذن الله. 

إن المرحلة القادمة حبلى بالكثير من المفاجآت، وما دامت المقاومة الباسلة تقود المعركة وتدير الصراع بكل القوة والعنفوان والإباء، دفاعا عن أقصانا وقدسنا وأرضنا المباركة، فإن على قادة الاحتلال أن يتوقعوا المزيد من التراجع والهزائم، وأن يستمروا في ذرف الدم ودموع العجز والندم وتجرع المرارة والخسران وصولا إلى لحظة التحرير والعودة بإذن الله.

نستعد اليوم لدخول مرحلة جديدة من مراحل الصراع مع العدو الصهيوني، وسيسجل تاريخنا الوطني الفلسطيني في صحائفه الخالدة أن معركة سيف القدس الخالدة، وما تلاها من حلقات الجهاد المتواصلة وبراكين الغضب الفلسطيني الهادر المتجسدة في عمليات المقاومة الرائعة، شكلت بداية النهاية لمشروع الاحتلال على أرضنا المباركة، ونقطة الحسم الحقيقية لاقتراب وعد الآخرة وتحرير الوطن والمقدسات وإنجاز مشروع العودة والحرية والاستقلال على كامل ترابنا الوطني.

عهدا أن نبقى الأوفياء لدماء الشهداء والجرحى ومعاناة الأسرى، ولن نقيل أو نستقيل حتى يأذن الله بالنصر والتحرير، وكما انقشعت معركة سيف القدس عن نصر مجيد لشعبنا ومقاومتنا فإن أي معركة قادمة ستحمل النصر المبين لشعبنا ومقاومتنا بإذن الله، وستكون أشد وطأة على بني صهيون، "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم".